Senin, 27 Desember 2010

FIQIH DALAM "RUDUD YANG MEMBERI MANFAAT" (ARRODDUL HADIF AN NAFI`)

الرد الهادف النافع

عبدالرحمن بن ندى العتيبي

التمييز بين الخطأ والصواب ومعرفة المحق من المبطل لا يستطيع أي شخص ان يصل اليهما الا بعد عناء ولطلب المعرفة يسأل أهل الاختصاص قال تعالى {فاسْألُوا أهْل الذِّكْرِ ان كُنْتُمْ لا تعْلمُون} [النحل: 43]، ومن مهام العلماء وطلبة العلم بيان الشريعة للناس {واذْ أخذ اللّهُ مِيثاق الّذِين أُوتُوا الْكِتاب لتُبيِّنُنّهُ لِلنّاسِ ولا تكْتُمُونهُ} [آل عمران: ١٨٧]، وقد عمل أهل العلم على صيانة الشريعة من تحريف أهل الأهواء ممن يطلبون المناصب والشهرة على حساب الدين وقد يكون من هؤلاء من يحمل لواء الدعوة، ومنهم أدعياء للعلم الشرعي وليسوا من أهله، ومن سالف الأزمان عندما يخطئ هؤلاء بقصد مع خبث سريرة أو من غير قصد مع حسن نية فان الله عز وجل يسخر من عباده من يرد على المخطئ ويبين للأمة الصواب والحق وهم لا تأخذهم لومة لائم في نصرة الحق والرد على المخطئ كائنا من كان، ولكن الرد يجب ان يكون صوابا هادفا نافعا فيه مقومات الاقناع من قوة الحجة وحسن العرض.
ولنا وقفات مع الردود سنبينها فيما يلي:
-1 {الردود تكشف الحقائق}
عندما يرد أهل العلم على المخطئ فان في ذلك تبصيراً للأمة ويحصل اظهار للحق ان كان ملتبساً على المخطئ بسبب وهمٍ منه أو لقلة علمه أو يكشف المخطئ على حقيقته، فيظهر للجميع ما خفي من أمره فيحذر الناس من منهجه وآرائه فكم من أشخاص كنا نظن أنهم على المنهج الصحيح، وكان هناك من أهل العلم من يقرأ مؤلفاتهم ويدوّن أخطاءهم فلما باشر بالردِّ عليهم انكشف لنا أمرهم، وعلمنا ان منهجهم تشوبه الشوائب وأنهم أقرب الى أهل الفكر والتنظير منهم الى أهل العلم والدليل.
-2 {كل مخطئ ينبغي الرد عليه}
لا أحد من أهل العلم أو غيرهم منزه من ان يُرد عليه، كما قال الامام مالك: كلٌّ يؤخذ من قوله ويُرد الا صاحب هذا القبر، يشير الى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فمالكٌ كان يجلس لبذل العلم في المسجد النبوي ولذلك لا نستغرب اذا حصل الرد على من ينعت بامام أو داعية أو غير ذلك، فلا عصمة لغير الأنبياء فيما يبلغون عن ربهم، ومن يرد عليه ان تبين له خطؤه فيجب ألا تأخذه العزة بالاثم، وعليه ان يرجع عن الخطأ ويعمل بالصواب ولا يأذن لأي مغرٍ بأن يحول بينه وبين قبول الحق سواء كان ذلك المغري حرصاً على منصب أو سيادة يخشى زوالها، أو شهرة أو غير ذلك، فان هرقل عظيم الروم عرف الحق عندما عرض عليه الاسلام وقال لأبي سفيان: (ان يكن ما تقول فيه حقا فانه نبي) [رواه البخاري]، ومنع هرقل من الدخول في الاسلام حب المنصب، فانه خشي ان يعزل عن الملك ان أعلن قبول الحق، وعندما جاءه رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال للقساوسة: لو أسلمت ماذا تقولون؟ فلما وجد منهم نفرةً قال لهم: انما كنت أختبركم، فصده ذلك عن الحق وكذلك المكابر يمنعه الكبر من الرجوع عما قاله أو كتبه ان ظهر له ان الحق خلافه، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الكبر بطر الحق وغمط الناس».
-3 {أن يظهر خطأ المردود عليه}
قبل ان يباشر أحد بالتصدي للرد على الآخرين فلابد ان يكون على علم تام بما قاله أو كتبه المردود عليه فان الراد في سعة حتى يتولى هذا الأمر فان تخطئة الآخرين ليس بالأمر الهين، وقد يكون في رده وقوفاً في وجه الخير ونفع الناس، فيأثم بدل ان يؤجر، فلابد من التأكد من وقوع الخطأ دون احتمال وفي الحديث «الا ان تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان». والشاهد من هذا الحديث هو قوله «عندكم من الله فيه برهان»، فلا بد ان يبرهن من يرد ويعقب على أمور تتعلق بالدين وأحكام الشريعة على ان المردود عليه مخطئ، ويُستدل لذلك بالدليل أو التعليل وعلى هذا فلا يرد أحد الا بعد التأكد من الخطأ وذلك بعد ان يراجع ما قاله أو كتبه الآخر.
-4 {أن يتولى الرد من هو أهلٌ}
الغيرة على الدين مطلوبة فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب اذا انتهكت محارم الله، وهو من أمر بانكار المنكر في قوله «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فان لم يستطع فبلسانه، فان لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الايمان».
ومن المنكر ان يتجنى أحدٌ على دين الله بالباطل أو يدعو الى الشرك ويلبس على الناس دينهم مستنداً الى أدلة ليست في محلها أو ان يأتي من يفتي بغير علم فيحلّ ما حرم الله، فكان لزاما ان يتصدى لهؤلاء من تسلح بالعلم الشرعي، وعرف خبايا أهل الأهواء، وكما يُقال (أعط القوس لباريها)، حتى يصبح الرد متيناً نافعاً داحضاً للشبهات، ولنا عبرة فيما حدث لابن عباس مع الخوارج فانهم طرحوا ثلاث شبهات، الأولى: لماذا لم يأذن على بالسبي والغنائم. الثانية: حكم الرجال في دين الله. الثالثة: محا نفسه من أمير المؤمنين، فرد عليهم صاحب العقل المنير والعلم الغزير عبدالله بن عباس فقال: أما قولكم لم يسب، ‎أتسبون أ‎مكم‎ ‎عائشة؟ فان قلتم انها ليست أمكم فقد كفرتم فالله يقول {النّبِيُّ أوْلى بِالْمُؤْمِنِين مِنْ أنْفُسِهِمْ وأزْواجُهُ أُمّهاتُهُمْ}، أما قولكم حكم الرجال فان الله قال {وانْ خِفْتُمْ شِقاق بيْنِهِما فابْعثُوا حكمًا مِنْ أهْلِهِ وحكمًا مِنْ أهْلِها}، فالله لو شاء لحكم فدل على جواز تحكيم الرجال في الخلاف الذي حدث بين الصحابة وأدى الى القتال وأما قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين، فان الرسول قال في الحديبية: أكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فلما أنكر وفد قريش محا وكتب محمد بن عبدالله، ولم يمنعه ذلك من الرسالة، فأقنع ابن عباس آلافاً من الخوارج فتراجعوا عن تمردهم على علي.
-5 {الاخلاص وحسن القصد}
قبول الأعمال مبني على الاخلاص، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «انما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى»، فمن يرد فليخلص النية لله ويكون مقصده نصرة دين الله وبيان الحق للناس وليحذر ان يكون المقصد طلب شهرة أو التقليل من شأن الآخرين وانتقاصهم بالرد عليهم أو ان بينهم حسابات تصفى عن طريق الرد، فلينتبه لذلك وليحرص على الاخلاص فانه سبب لقبول العمل ومدعاة للتوفيق وحصول النفع.
-6 {عدم تحميل الكلام ما لا يحتمل}
قرأت رداً فوجدت ان من قام بالرد يتكلف وينقل قول المردود عليه مبتورا ثم يحمله ما لا يحتمل ثم يلزمه بالزامات لم يقصدها وهذا ينافي الأمانة العلمية وفيه تعد وجور من الراد قال تعالى {ولا يجْرِمنّكُمْ شنآنُ قوْمٍ على ألّا تعْدِلُوا اعْدِلُوا هُو أقْربُ لِلتّقْوى} [المائدة: 8]، فمن في نفسه شيء ويبغض الآخر لا يجيز له ذلك ان يتجنى عليه، فمن وجد خطأ فليرد عليه ولا يضف له أخطاء متوهمة وهذه يقع فيها كثير من صغار طلبة العلم ممن يغلب حماسهم على علمهم ويفتقدون الحكمة فالأولى لهم الرفق والتأني حتى لا يتسرعوا فيندموا.
-7 (حسن الأدب عند الرد)
يروى عن الشافعي قوله: ما جادلت أحداً الا تمنيت ان يظهر الحق على لسانه، فالمراء مذموم الا لنصرة الحق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقا»، فاذا كان لابد من الرد فيراعى فيه حسن الأدب قال تعالى {وجادِلْهُمْ بِالّتِي هِي أحْسنُ}، وليكن الرد بعيداً عن التجريح ونقد ذات الآخر وينأى به عن الألفاظ النابية، وانما يسلط على الخطأ الذي وقع فيه، فقد تجد من يسفه الآخرين ويرميهم بالجهل والحماقة، ويمكن ان يكون ذلك سبباً للتعنت ورفض الاذعان للحق مع ظهوره، وقد يصل الأمر الى ان القارئ يتعاطف مع المخطئ نظراً لشراسة الراد وحدته وحنقه وحماسه الشديد، وفي بعض الخلاف لا يستدعي الأمر ذلك فالرفق أسلوب الرزين الموفق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما كان الرفق في شيء الا زانه وما نزع من شيء الا شانه»، فينبغي اختيار الألفاظ المناسبة واظهار الشفقة وتمني الخير للجميع، وهذا حال علمائنا في ردهم على المخطئ، وغالبا تجده يظهر قبول الحق نظراً لحسن الأسلوب قال تعالى: {ادْفعْ بِالّتِي هِي أحْسنُ فاذا الّذِي بيْنك وبيْنهُ عداوةٌ كأنّهُ ولِيٌّ حمِيمٌ (34) وما يُلقّاها الّا الّذِين صبرُوا وما يُلقّاها الّا ذُو حظٍّ عظِيمٍ (35)} [فصلت].
-8 {الرد على الرد أمر لازم ومستحسن}
اذا كان الراد لم يوفق الى الصواب، فالأولى ان يرد عليه حتى لا يفهم أحد ان عدم الرد اقرار بأن ما قاله صواب أو ان دفاعه بالرد دليل على صحة ما يذهب اليه أو مبرر سليم لخطئه، فلا ينبغي ترك الرد ما أمكن الا اذا حال دون ذلك مانع أو ترجحت المصلحة في ترك الرد فله ذلك.
-9 {ليس كل من يرد عليه فهو مخطئ}
يظن بعض الناس ان من يتعقب في مسألة ما ويرد عليه، ان في ذلك ادانة له بالخطأ وهذا غير صحيح، فليس كل من يرد مصيباً محقاً فقد يكون جاهلاً أوصاحب هوى أراد اثارة بلبلة، وعند حسن الظن فربما أنه لم يفهم صاحبه فتعجل بالرد، وقد يكون صاحب بدعة ينصر بدعته فيرد على من يحذر من البدع.فالذي نريد ان نقرره أنه ليس كل مردود عليه مخطئا ولكن يجب النظر في أدلة الفريقين، وسؤال أهل العلم الذين يستطيعون الترجيح بين الآراء، ولا ننسى حال الشخص من حيث الديانة والمكانة العلمية وانتماؤه الحزبي، وهل هو من أهل السنة أومن أهل البدع والأهواء؟ وكل ذلك يساعد على معرفة الحق، فان كان من أهل الرذيلة فليس بمستغرب رده على أهل الفضيلة وعلى ذلك فقس.-10 {الردود ظاهرة صحية}
‏-10 {الردود ظاهرة صحية}
من أسباب الانحلال وظهور الفساد ورواج البدع والميل للغلو والتطرف ترك من يدعو لذلك وعدم الرد عليه، فلا ينبغي تركهم وشأنهم وانما يرد عليهم حتى يكونوا على بصيرة من الحق ويحدث تنبيه لهم أنهم على خطأ وأن مسلكهم خطر عليهم وعلى من حولهم ولربما لو اطلعوا على تلك الردود تغيرت قناعاتهم وصلحت أحوالهم فيتوب الاباحي المفسد، ويترك المبتدع بدعته، ويتجنب الغلاة التنطع وأذية الناس، ويرجع المخطئ الى دائرة الصواب فيصحح مساره.
فالردود ظاهرة صحية ولها فوائد عظيمة، فهي تكشف المكانة العلمية للشخص وتعري أدعياء الباطل فيظهر انحرافهم ويحذر منهم، ولكن ينبغي مراعاة المصلحة عند الرغبة في الرد فيلاحظ حجم الخطأ وهل يستحق ردا، لأنه قد يحصل بالرد زعزعة الثقة وتشويش على الغير دون قصد لذلك، وينظر هل المصلحة في الرد على حدة أو ان الرد يكون على الملأ، فالردود فيها نفع عام متعد، ولا يفهم منها أنها تناحر بين الدعاة، ولكن فيها تنوير للآخرين واثراء للفكر ونصرة للحق وتبصير للمخطئ، وفيها حراك علمي اذا حسن المقصد وكان الهدف معرفة الحق والعمل به.
نسأل الله ان يبصرنا بالحق ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن يجمع شمل الأمة على الحق ويجنبهم الشقاق والخلاف ويوفق الجميع لما يحبه ويرضا
__________________
مجموع مقالات فضيلة الشيخ
عبد العزيز بن ندى حفظه الله
في منتدى كل السلفيين[متجدد]

Tidak ada komentar:

Posting Komentar

Design by Abdul Munir Visit Original Post Islamic2 Template